كان الراعي يخرج بغنمه طول اليوم كي يرعاها في مزابل المدينة بعد ان انقرضت المراعي والسهول وتحولت الى بنايات ،
اسمنتية مرتفعة ارتفاع ارصدة اصحابها في البنوك والبورصات، كان الراعي يجلس في المزبلة وحيدا ضجرا مفلسا يحسد الناس على نعمة حياتهم الهانئة فقرر ان يبتكر لعبة يتسلى بها ويقضى بها على ملله وتجعله شخصا مهما في اعين اهل المدينة ، تفتق ذهنه عن فكرة خبيثة فاخذ يصرخ ذات يوم باعلى صوته:
- النجدة ، النجدة ايها الناس ساعدوني فقد هجم علي اشخاص من الطائفة الاخرى وهم يريدون قتلي لاني اؤمن اللحم لكم وبذلك يجعلونكم ضعفاء ويتمكنوا من الهجوم عليكم .
ما ان سمع ابناء المدينة اسم الطائفة الاخرى حتى هبوا ونفروا رجالا ونساء وحمل كل منهم السلاح الذي طالته يداه وهجموا على الاحياء التي يسكنها ابناء الطائفة الاخرى ودارت معارك لعدة ايام سالت فيها الدماء من الطرفين وقتل الرجال وترملت النساء وتيتم الاطفال حتى عرف الجميع كذب الخبر فهدات النفوس وعاد كل حي الى مكانه .
ضحك الراعي الخبيث على هؤلاء الحمقى وكيف انهم هجموا على جيرانهم دون تفكير او تمحيص ولم يكلف احدهم نفسه حتى ان يعد الغنم كي يرى ان كان قد فقد منها شيء.
بعد فترة قرر ان يتسلى مرة اخرى فاخذ يصيح باعلى صوته :
- النجدة ، النجدة المتدينين المتشددين يريدون ان يسرقوا الخراف كي يفخخوها ويفجروها بينكم ويقتلونكم النجدة !!.
مرة اخرى هب اهل المدينة حاملا كلا منهم سلاحه وهجموا على المدرسة الدينية القريبة ودار اشتباك مع الطلاب فيها, سالت فيه الدماء انهارا وقتل من قتل حتى كلت الايدي وعرف الجميع ان الخبر كذبة وعاد كل الى مكانه .
بعد فترة قرر الراعي ان يكرر فعلته فاخفى الخراف وركض الى المدينة وهو يصرخ :
- النجدة النجدة الليبراليين يريدون قتلي وسرقة الخراف كي يسلخوا جلودها ويلبوسها للخنازير ويجعلونكم تاكلونها النجدة !!.
مرة اخرى تبعه اهل المدينة وهجموا على المراكز الثقافية والعلمية والصحف التابعة لليبراليين ودار قتال بكل ما طالته الايدي من سلاح ومرة اخرى اكتشف اهل المدينة ان الراعي قد كذب عليهم وظللهم فقرروا ان لا يصدقونه بعد ذلك ابدا مهما قال او فعل .
عندما قرر الراعي ان يكرر فعلته لم يصدقه احد من اهل المدينة ولم يهب للقتال والعراك ولكنه فوجئ بتلقي عرض للعمل معدا للاخبار بشروط مغرية من قناة اخبارية عربية !!.